عرف الجنسية الأصيلة موضحًا خصائصا طرق اكتسابها فى القانون الدولى؟
× تعريف الجنسية الأصلية :
الجنسية الأصيلة هى الجنسية التى تثبت للشخص بمجرد الميلاد. فهذا النوع من الجنسية يعتمد على واقعة الميلاد بغض النظر عن أساس منحها، هل هو حق الدم أم حق الإقليم، فالجنسية فى كلا الحالتين أصيلة، ويكمن وجه أصالتها فى أنها «تلحق الشخص عند اتصاله بالحياة». ولذلك تسمى بجنسية الميلاد.
وإذا كانت الجنسية الأصلية تثبت بمجرد الميلاد، فإنه ينتفى أى دور لإرادة الفرد فى قبولها، إذ تلحق به وهو طفل رضيع لا توجد لديه أهلية، ومن ثم فهى جنسية إجبارية ليست إرادة الفرد ركناً حقيقياً فيها. ولما كانت الجنسية رابطة حقيقية بين الفرد والدولة، تقتضى ضرورة توافر الولاء المطلق، فكيف يمكن التوفيق بين فرض الجنسية على الفرد بمجرد الميلاد وبين ضرورة توافر الولاء لديه فى لحظة – هى لحظة الميلاد بإعتبارها لحظة ثبوت الجنسية – يستحيل فيها التحقق من قيام هذا الولاء؟
إن الإجابة على هذا التساؤل ليست بالأمر العسير، فأساس الإعتراف بالجنسية للإبن بمجرد الميلاد «مرجعه تقدير المشرع أن وجود الأصل الوطنى، يعد قرينة قوية على ارتباطه بالدولة، ودليلاً على توافر الولاء لها، والرغبة فى الانتساب سياسياً إليها. ولذلك يقرر فرض الجنسية الوطنية على من يولدون لأصل وطنى، وهى تثبت لهم بقوة القانون ومنذ ولادتهم».
× خصائص الجنسية الأصيلة :
من التعريف السابق يتضح لنا أن الجنسية الأصيلة تتسم بالخصائص التالية :
1) تثبت للفرد بقوة القانون منذ لحظة الميلاد.
2) جنسية إجبارية ليس لإرادة الفرد أى دور فى قبولها أو رفضها.
3) تثبت للفرد بصفة نهائية،4) ودون أن يكون له رخصة التخلى عنها،5) عند بلوغ سن الرشد.
× طرق اكتساب الجنسية الأصيلة فى القانون الدولى
من المستقر عليه دولياً أن الجنسية الأصيلة تكتسب بناء على أحد أساسيين: حق الدم (أولا) أو حق الإقليم (ثانيًا)، فهل يفضل أحد هذين الأساسيين الأساس الآخر؟ (ثالثًا).
× أولا: حق الدم
· التعريف بحق الدم : يقصد بحق الدم كأساس لمنح الجنسية،· حق الفرد فى اكتساب جنسية الدولة التى ينتمى إليها آباؤه بمجرد الميلاد. فمن يولد لأب فرنسى يكون فرنسياً،· ومن يولد لأب إيطالى يكون إيطالياً،· ومن يولد لأب مصرى يكون مصرياً وهكذا. فالجنسية الأصلية تعتمد هنا على الأصل العائلى وتتخذ من عمود النسب معياراً لها،· فهى تثبت للفرد بقوة القانون،· دون مراعاة لأى مؤثراً آخر كالمكان الذى يولد فيه حيث تلحق به سواء تم الميلاد داخل الدولة التى يحمل الآباء جنسيتها أو خارجها. وإذا تم الميلاد داخل هذه الدولة،· فيستوى أن تتحقق واقعة الميلاد فى إقليمها البرى أو البحرى أو الجوى.
وقد عرف حق الدم فى العصور الأولى، حيث إُتخذ أساساً لاكتساب الصفة الوطنية فى الجماعات القديمة، وهى الصفة التى كانت تقوم على وحدة الأصل والجنس والتقاليد. وقد اعتبر حق الدم فى هذه العصور بمثابة الدليل الوحيد والقاطع على توافر الصلة الروحية والوجدانية بين الفرد والدولة، «وكأن الدم الذى يجرى فى عروق الطفل يعتبر دماً وطنياً. ومن هنا جاءت تسميته بحق الدم». ونظراً لأصالة هذه الجنسية فقد عرفت بتسميات عديدة مثل جنسية الأصل أو جنسية الدم أو جنسية النسب أو جنسية الميلاد أو الجنسية المفروضة.
وقد فُهم حق الدم فى صورته المشددة على أنه مرادف للعنصرية، فكان يستحيل فى ألمانيا الهتلرية منح الجنسية الألمانية لغير النسل الألمانى، كما كان يستحيل فى هذه الفترة منح الجنسية الإنجليزية لغير المنحدرين من أصل إنجليزى، إذ ارتبط حق الدم فى هذه العصور بمفاهيم سياسية سادت فيها العصبية، وأصبح كل جنس ينظر لنفسه على أنه الجنس السامى الذى يحث له البقاء بمفرده. غير أن تطور المجتمعات واختلاط الأجناس قلل إلى حد بعيد من هذا المفهوم المتشدد لحق الدم، ولذا بدأ الفقه فى البحث عن أساس جديد لحق الدم. وقد وجد الفقه هذا الأساس فى فكرة التربية العائلية التى «تغرس فى الطفل مشاعر أبويه وأفكارهم. ولعل أهم المشاعر التى يتلقاها الطفل عن أبائه هو شعورهم بالولاء نحو الدولة التى ينتمون إليها بجنسيتهم. وهكذا ترتد جنسية الدم فى النهاية إلى حق التربية بوصفه تعبيراً عن وحدة المشاعر والصلات الروحية فى الأسرة».
· حق الدم فى القانون المقارن : اختلفت التشريعات فى نظرتها إلى حق الدم كأساس لبناء الجنسية إلى مذهبين:
1) تبنى حق الدم بصفة جزئية: اتجه فريق كبير من التشريعات إلى قصر إعمال حق الدم على الانتساب لأب وطنى دون الانتساب لأم وطنية. فالنسب الذى يعول عليه فى مثل هذه التشريعات هو الميلاد لأب وطنى فقط،2) حيث يكتسب الابن جنسية الدولة إذا كان مولوداً لأب يحمل جنسيتها. وليس للميلاد لأم وطنية نفس الدور الذى يلعبه الميلاد لأب وطنى،3) إذ لا يكون للأم – فى مثل هذه التشريعات – الحق فى نقل الجنسية لأبنائها بمجرد الميلاد،4) إلا إذا تبين أنه لا يمكن للابن اكتساب جنسية أى دولة أخرى. والهدف من ذلك هو تلافى حالات انعدام الجنسية. ويتصور هذا الوضع فى الفروض التى يكون فيها الأب مجهول أو عديم الجنسية،5) إذ لا توجد له جنسية ثابتة يستطيع نقلها للأبناء،6) وهنا ينهض دور الأم حيث يمكنها نقل جنسيتها لهؤلاء الأبناء حتى لا يقعوا فريسة لانعدام الجنسية. فدور الأم فى مثل هذه التشريعات يظل دوراً احتياطياً فى حالات محددة وليس دوراً أصلياً كدور الأب. ومن أمثلة هذه التشريعات قانون الجنسية الكويتى لعام 1959 حيث تعتنق المادة الثانية منه حق الدم بصفة جزئية من ناحية الأب فقط،7) وذلك بنصها على أنه «يكون كويتياً كل من ولد فى الكويت أو فى الخارج،
لأب كويتى»،9) فى حين تتبنى المادة الثالثة من ذات القانون حق الدم بصفة تكميلية من ناحية الأم بنصها على أنه «يكون كويتياً : 1- من ولد،10) فى الكويت أو فى الخارج،11) من أم كويتية وكان مجهول الأب،12) أو لم تثبت نسبته لأبيه قانونياً،13) أو كان أبوه مجهول الجنسية أو لا جنسية له». ويسود هذا المذهب – بطريقة متفاوتة – فى معظم تشريعات الدول العربية،14) وبعض الدول الإفريقية.
15) تبنى حق الدم بصفة مطلقة : مع تزايد الحركات النسائية ومطالبتها بالمساواة بين الرجل والمرأة تم إبرام اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة فى كوبنهاجن فى 30/7/1980،16) وتعاهدت الدول فى مادتها التاسعة على أن تمنح «المرأة حقاً مساوياً لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها». وتأسيساً على ذلك قامت العديد من الدول بإعتناق حق الدم بصفة مطلقة،17) بحيث يكتسب جنسيتها كل ابن يولد لأب أو لأم وطنية دون تمييز بين دور الأب أو الأم فى مجال نقل الجنسية للأبناء. وهكذا أصبح للأم – فى مثل هذه التشريعات – دوراً مساوياً لدور الأب فى مجال نقل الجنسية للأبناء،18) ومن ثم تستطيع الأم الوطنية نقل الجنسية لأبنائها دون قيد أو شرط،19) وبغض النظر عن كون الأب عديم أو مجهول الجنسية أو كونه يتمتع بجنسية دولة أخرى. وتعد فرنسا نموذجاً للدول التى تأخذ بهذا الاتجاه،20) حيث تنص المادة 18 من القانون المدنى لهذا البلد على أنه «يكون فرنسياً الطفل الشرعى أو الطبيعى المولود لأبوين أحدهما على الأقل فرنسياً». ويسود هذا المذهب أيضاً فى بعض الدول الأوربية،21) والأسيوية،22) وبعض دول القارة الأمريكية.
وسواء اعتنقت الدول حق الدم بصفة جزئية أو بصفة مطلقة، فلا أهمية لنوع المولود. فإذا كانت بعض القوانين تشهد تفرقة بين الأب والأم فى مجال نقل الجنسية إلى الأبناء حيث لا تعترف إلا للأب – دون الأم – بالحق فى نقل الجنسية الأصلية إليهم، فلا أهمية لكون المولود ذكراً أم أنثى حتى تثبت له الجنسية. ولا أهمية كذلك للمكان الذى يولد فيه الإبن، لأن الجنسية تؤسس فى مجال حق الدم على الأصل العائلى الذى ينحدر منه الشخص، والأصل العائلى متوافر دائماً، سواء تم الميلاد فى إقليم الدولة أو خارجها، فالأصل العائلى يثبت بالانتساب لأب أو لأم وطنية، وليس الميلاد على الإقليم من عناصر ثبوته.
× ثانيًا: حق الإقليــم
· التعريف بحق الإقليم : يقصد بحق الإقليم كأساس لمنح الجنسية حق المولود فى اكتساب جنسية الدولة التى يولد فيها،· بغض النظر عن جنسية آباؤه أو الأصل الذى ينحدر منه. فالجنسية الأصيلة تتأسس هنا على الصلة التى تربط الفرد بإقليم دولة معينة،· بحيث يكتسب جنسيتها إذا ولد على أراضيها دون اعتبار لأى مؤثر آخر كالأصل الذى ينحدر منه،· أى بغض النظر عن ما إذا كان أبواه يحملان جنسية نفس الدولة أم لا. فمن يولد فى كندا يكون كندياً،· ومن يولد فى استراليا يكون استرالياً،· بغض النظر عن كون الأبوين كنديين أو استراليين.
وقد ساد حق الإقليم خلال «عهود الإقطاع فى القرون الوسطى حيث بسط الحكام والأمراء سيطرتهم على أقليم متعددة يقطنها سكان من أجناس مختلفة. فكان طبيعياً إذن أن تقوم الصفة الوطنية على أساس الميلاد فى الإقليم، وهو ما يتفق تماماً مع الأفكار التى سادت فى ذلك الوقت والتى كانت تعتبر كل ما يوجد فى الإقليم مملوكاً للحاكم». وقد تتمشى بذلك حق الإقليم مع المفهوم التقليدى للسيادة الإقليمية المطلقة التى كانت تعنى أن الإقليم بكل عناصره ومشتملاته – بما فى ذلك السكان – يجب أن يخضع لسيطرة الحاكم ونفوذه.
غير أنه بزوال النظم الإقطاعية وإنتسار الديمقراطية فى أنحاء متفرقة من العالم، اتجه الفقه إلى البحث عن أساس آخر للأخذ بحق الإقليم. وقد وجد الفقه فى الأساس الاجتماعى السند الحقيقى لحق الإقليم، «فالطفل يتأثر بالمجتمع الذى ولد ونشأ فيه. وعلى ذلك يبدو من الملائم أن يكتسب الطفل جنسية الدولة التى ولد فيها». فالإنسان غالباً ما يحنو للمكان الذى ولد فيه بإعتباره مسقط رأسه، ومحل توطن والديه الذى سوف يربى فيه. ولا شك أن وجود هذه الصلة من شأنه أن يربى لدى الطفل شعور الولاء والإنتماء تجاه ذلك الإقليم. فقد قال رسول الله إلى مكة – وهى بلد مولده – عندما أخرجه الكفار منها «والله إنك لأحب بلاد الله إلى الله وأنك لأحب بلاد الله إلىَّ ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت».
· حق الإقليم فى القانون المقارن: اختلفت التشريعات من حيث مدى الأخذ بحق الإقليم كأساس لمنح الجنسية الأصلية إلى ثلاث مذاهب:
· المذهب الأول: الأخذ بحق الإقليم بصفة مطلقة : يسود هذا المذهب بصفة أساسية فى الدول حديثة النشأة التى تحتاج إلى تغذية ركن الشعب فيها كدول أمريكا الجنوبية ودول أمريكا الوسطى،· حيث تقضى تشريعات هذه الدول بأن يكتسب جنسيتها بالميلاد كل من يولد على إقليمها. ومن أمثلة هذه الدول البرازيل حيث تنص المادة 129 من دستور هذا البلد على أن «الأشخاص الآتى ذكرهم يكونون برازيليين: 1- الأشخاص المولودون فى البرازيل...». كما أخذ بهذا المذهب أيضاً قانون الجنسية الأرجنتينى،· الذى تنص مادته الأولى على أنه « يكون الشخص وطنياً إذا ولد فى إقليم الأرجنتين أو فى سفينة حربية أو طائرة عسكرية أرجنتينية». كما اعتنقته صراحة المادة 30 من الدستور المكسيكى،· التى تقضى بأن «الأشخاص الآتى ذكرهم يكونون وطنيين بالميلاد : 1- المولودون داخل حدود إقليم المكسيك أيا كانت جنسية والديهم...».
وقد حرصت مختلف هذه الدول على تأسيس جنسيتها – بناء على حق الإقليم – على الاتصال الوثيق للمولود بإقليمها، والمتمثل فى الميلاد على أراضيها لأسرة غالباً ما تكون مستقرة فيها، سواء تم الميلاد فى إقليمها البرى أو البحرى أو الجوى، ودون اعتبار لأى مؤثر آخر كجنسية الوالدين مثلاً، فالمولود فى المكسيك يكون مكسيكياً سواء كان أبواه مكسيكيين أم لا. ويسود هذا المذهب أيضياً فى البلاد الأنجلوأمريكية كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
· المذهب الثانى: الأخذ بحق الإقليم بصفة جزئية تلافياً لحالات إنعدام الجنسية : تتجه الدول التى تأخذ بحق الدم إلى اعتناق حق الإقليم بصفة تكميلية،· وذلك لتكملة الهيكل القانونى لبناء الجنسية لديها،· والهدف من ذلك هو تلافى حالات انعدام الجنسية ويبدو ذلك واضحاً فى حالتين :
1) الأخذ بحق الإقليم فى شأن اللقيط: ينعقد الإجماع فى الدول التى تأخذ بحق الدم على تبنى حق الإقليم فى شأن اللقيط،2) حيث تقضى تشريعات هذه الدول بأن يكتسب جنسيتها الطفل المولود على أراضيها لأبوين مجهولين. ويتأسس هذا الحكم على أن الابن المولود فى الإقليم لأبوين مجهولين غالباً ما يكون مولود لأبوين وطنيين،3) وبالتالى يكون حرياً بالدولة أن تمنحه جنسيتها تعاطفاً مع وضعه المأساوى،4) وباعتبار أنه مولود على أراضيها أيضاً. وقد أخذ بهذا الحكم قوانين بعض الدول الأوربية،5) كما أخذت به أيضاً المادة الخامسة من اتفاقية الجنسية المعقودة بين دول الجامعة العربية التى وقعت عليها مصر فى 9 نوفمبر 1954 والتى تنص على أن «يكتسب اللقيط جنسية البلد الذى ولد فيه ويعتبر مولوداً فى البلد الذى وجد فيه حتى ثبوت العكس». وقد تبنت هذا الحكم معظم تشريعات الدول العربية.
6) الأخذ بحق الإقليم فى شأن الطفل عديم الجنسية: تتجه بعض الدول إلى منح جنسيتها للطفل الذى يولد على أراضيها ولا تثبت له جنسية أى من أبويه،7) سواء لكونهما عديمى الجنسية أو لأن قانونهما الشخصى لا يسمح لهما بنقل الجنسية إلى الأبناء. والفرق بين الأخذ بحق الإقليم فى شأن الطفل الذى يولد عديم الجنسية فى هذا الفرض وبين الأخذ بحق الإقليم فى شأن اللقيط واضح وصريح. فاللقيط طفل مجهول الأبوين ومن ثم لا ندرى هل من الممكن أن يكتسب جنسية أبويه أم لا ؟ أما الطفل عديم الجنسية فهو طفل معلوم الأبوين ولكنهما لا يستطيعان نقل الجنسية إليه قانوناً. ومن أمثلة الدول التى أخذت بهذا الاتجاه فرنسا حيث تقضى المادة 19/1 من القانون المدنى بأنه «يكون فرنسياً : 1- الطفل المولود فى فرنسا لأبوين عديمى الجنسية. 2- الطفل المولود فى فرنسا لأبوين أجنبيين ولم تسمح القوانين الأجنبية بنقل جنسيته أى من الوالدين إليه». كما تأخذ بهذا الاتجاه أيضاً المادة 1/أولاً/د من قانون الجنسية البرتغالى لعام 1981 والتى تقضى بأنه «يكون برتغالياً الأفراد المولودين فى الإقليم البرتغالى،
إذا لم يحصلوا على جنسية أخرى».
· المذهب الثالث: الأخذ بحق الإقليم فى صورته المشددة : تفضل تشريعات بعض الدول تبنى حق الإقليم فى صورته المشددة،· فتقضى بمنح جنسيتها للإبن المولود على إقليمها لأب ولد أيضاً على ذات الإقليم،· وهو ما يعرف بالميلاد المضاعف أو بحق الإقليم المزدوج. والغالب أن يسود الميلاد المضاعف فى الدول التى تأخذ بحق الدم كأساس لمنح جنسيتها،· ويتأسس هذا الحكم على اعتبار أن حق الإقليم المزدوج كاف لقيام روابط الإنتماء بين الإبن والمجتمع الوطنى. فميلاد الأب والإبن معاً على إقليم دولة يعنى أن الأجداد كانوا يعيشون على ذات الإقليم،· وأن الأب والأم قد تلقوا المراحل الأولى للتعليم فى هذا البلد بما يعنى ارتباطهم الوثيق به. أو كما قيل إن حق الإقليم المزدوج يعنى معيشة ثلاثة أجيال على الإقليم الوطنى،· فميلاد الأب على الإقليم يعنى أن الأجداد كانوا يعيشون فيه،· ثم ميلاد الابن على ذات الإقليم يعنى استمرار معيشة هذا الأب فى نفس الإقليم،· بما يعنى ارتباطه الحقيقى به،· ونتيجة لذلك يكون الجيل الثالث جديراً بحمل جنسية الدولة. وقد قضت تشريعات بعض الدول فعلاً فى هذا الاتجاه.
وقد تلجأ الدول إلى التقييد من حق الميلاد المضاعف ببعض الشروط، فتتطلب مثلاً لمنح جنسيتها بناء على هذا الأساس ضرورة ألا يثبت للمولود جنسية دولة أخرى. وهذا ما ذهب إليه المشرع البحرينى فى المادة الخامسة من قانون الجنسية لعام 1963 والتى تنص على أنه «يعتبر الشخص بحرينياً : أ- إذا ولد فى البحرين قبل أو بعد تاريخ العمل بهذا القانون وكان أبوه قد ولد فيها وجعل منها محل إقامته العادية عند ولادة ذلك الشخص، على أن لا يكون ذلك الشخص حاملاً لجنسية أخرى».
وفى جميع الأحوال وسواء أخذت الدول بحق الإقليم فى صورته المطلقة أو الجزئية أو حتى فى صورته المشددة، فلا عبرة بجنسية الآباء أو الأصل الذى ينحدر منه الشخص، لأن الحنسية تؤسس فى مجال حق الإقليم على الصلة التى تربط الشخص بالمكان الذى ولد فيه دون نظر للأصل العائلى.
× ثالثًا: المفاضلة بين حق الدم وحق الإقليم
رأينا من قبل كيف اختلفت الدول فى الأساس الذى تبنى عليه جنسيتها، حيث ذهب فريق إلى اعتناق حق الدم فى حين فضل فريق آخر تبنى حق الإقليم، وكل فريق ينظر إلى الأساس الذى يتبناه على أنه الدليل على توافر الولاء والإنتماء الروحى. ولم يكن للفقه موفقاً موحداً فى هذا الصدد، حيث ذهب فريق إلى تدعيم حق الدم، فى حين ذهب فريق آخر إلى المناداة بضرورة اعتناق حق الإقليم.
· حجج أنصار حق الدم:
يرى أنصار هذا الاتجاه أن حق الدم هو الأساس النموذجى لبناء جنسية الدولة وهم يستندون فى ذلك إلى الحجج التالية:
حجج سياسية : إن الإعتداد بالدماء الوطنية التى تجرى فى عروق من ينحدر من أصل عائلى واحد يعد دليلاً قاطعاً على ثبوت الولاء وتحقيق الوحدة والإندماج بين أفراد الشعب. فالإشتراك فى الجنس واللغة والتاريخ والعادات والتقاليد يشكل مقومات كافية لتحقيق الإندماج بين أفراد المجتمع، يضاف إلى ذلك أن أداة تحقيق هذا الإندماج هى الجنسية التى يجب أن تؤسس على حق الدم بما يحفظ لهذا الجنس وحدته. ومن ثم فقد أضحى الإعتراف بالجنسية للفروع «مرجعة فى تقدير المشرع أن وجود الأصل الوطنى للفرد، يعد قرينة قوية على ارتباطه بالدولة، ودليلاً على توفر الولاء لها، والرغبة فى الانتساب سياسياً إليها. ولذلك يقرر فرض الجنسية الوطنية على من يولدون لأصل وطنى».
حجج إجتماعية : الأسرة هى أساس الإنتماء العائلى، فالإبن يتلقى عنها أصول التربية، ويرث عن والديه مشاعر الولاء والإنتماء، كما أنه يستقى منها الشعور الخالص لحب الوطن الذى يعيش فيه، ومن ثم تعد فكرة الأصل العائلى أفضل الأسس التى يمكن الإستناد إليها لبناء الجنسية.
حجج عملية : يستند أنصار حق الدم كذلك إلى حجج مستمدة من الواقع العملى مقتضاها أن حق الدم هو الأساس الذى تتبناه معظم دول العالم، إذ أنها وجدت فيه المعيار الحقيقى لبناء جنسيتها، لأنه الأساس الذى يحقق مصالحها ويساعدها على المحافظة على علاقتها برعاياها المقيمين فى الخارج، حيث يضمن ولائهم تجاهها. ويتحقق ذلك عن طريق منح الدولة لجنسيتها لأبناء رعاياها الذين يولدون خارجها، وبالتالى لا تنقطع صلتهم بها لظروف قد تكون خارجة عن إرادتهم كطلب العلم أو الرزق مثلاً. يضاف إلى ذلك أن احتفاظ الدولة بجزء من رعاياها على أقاليم الدول الأخرى يزيد من نفوذها فى الخارج، ويمكنها من الاستفادة من خبراتهم وأموالهم عند عودتهم إليها. ومن شأن الأخذ بحق الدم تحقيق مصالح الدول المصدرة للسكان من زاوية أخرى. فهذه الدولة تعانى من أزمات سكانية طاحنة، فهى ليست بحاجة إلى زيادة العنصر البشرى فيها وإنما تكتفى بالمحافظة على علاقتها برعاياها، عن طريق منح الجنسية لأبنائهم دون اهتمام بالمكان الذين يولدون فيه. ومن ثم ينتهى أنصار هذا الاتجاه إلى أن حق الدم هو الأساس الوحيد الذى يمكن الدولة من تحقيق هذه الإعتبارات، ويضمن لها فى ذات الوقت عدم دخول عناصر أجنبية فى شعبها.
· حجج أنصار حق الإقليم:
على عكس الإتجاه السابق، يرى أنصار حق الإقليم أنه الأساس الثانى لبناء الجنسية، ويستندون فى ذلك إلى مجموعة من الحجج:
1. حجج سياسية : يتفق حق الإقليم مع سيادة الدولة الإقليمية،2. لأنه يمكنها من فرض جنسيتها على كل الأشخاص المولودين على أراضيها. فالسيادة لا تعنى فقط ممارسة الدولة لسلطاتها على كل أجزاء إقليمها،3. وهو ما يسمى بالسيادة الإقليمية،4. وإنما تعنى أيضاً ممارسة الدولة لسلطاتها على كل الأشخاص المولودين فيها،5. بما يعنى ضرورة إنتسابهم إليها وهو ما يعبر عنه بالسيادة الشخصية للدولة.
6. حجج اجتماعية : قوامها تأثر الفرد بالبيئة التى يولد ويعيش فيها. فالشخص يتأثر بالمكان الذى يتربى فيه أكثر من تأثره بأى مكان آخر،7. حيث يكتسب صفاته واسلوبه فى الحياة. فالإنسان تراوده دائماً مشاعر الحنين للمكان الذى ولد فيه. ويروى فى كتب الأساطير أن ملكاً امتطى نسره،8. وأمره بأن يذهب إلى أفضل مكان فى الدنيا،9. فطار به النسر لمسافات طويلة ثم توقف على شجره جدباء فى صحراء جرداء ،10. فتعجب الملك وسأل النسر: هل هذا هو أفضل مكان فى الدنيا؟! قال نعم لأنه المكان الذى ولدت فيه!!!.
11. حجج عملية : يستند أنصار حق الإقليم أخيراً إلى أنه الأساس الذى يحقق مصالح الفرد والدولة على حد سواء :
- يعد الأخذ بحق الإقليم – بالنسبة للفرد – وسيلة مؤكدة للقضاء على ظاهرة إنعدام الجنسية،- لأنه إذا قضت التشريعات الداخلية لكل دولة بأن يكتسب جنسيتها كل من يولد على أراضيها،- تحقق القضاء على هذه الظاهرة .
- أما بالنسبة للدولة،- فيتفق هذا الأساس مع مصالح الدول الوليدة أو حديثة النشأة،- التى تعانى من ندرة سكانها،- فترى فيه الأساس النموذجى لتحقيق مصالحها بتغذية عنصر الشعب،- إذا اكتسب جنسيتها كل طفل يولد على إقليمها. وتأسيساً على ذلك «تبدو أهمية فرض الجنسية الأصيلة بناء على حق الإقليم فى الدول الناشئة التى تفتقر إلى الوطنيين الأصول»،- فالأخذ بحق الإقليم فى هذه الدول يمكنها من سرعة تكوين ركن الشعب فيها.
· الرأى الراجــح
· تقييم حجج أنصار حق الدم : رغم وجاهة الحجج التى يستند إليها أنصار حق الدم فإنها مع ذلك محلاً لبعض المآخذ،· فمجرد الميلاد لأب وطنى غير كاف بمفرده لتحقيق الإندماج الروحى والوجدانى مع الجماعة الوطنية،· وإنما يجب توطن الإبن على الإقليم حتى يتحقق هذا الإندماج. فإذا كانت روابط الإنتماء الروحى والوجدانى تولد مع الميلاد لأب وطنى،· فإن نمو هذه الروابط لا يتحقق إلا بالإقامة على الإقليم،· وإلا تعارض ذلك مع أساس التربية العائلية الذى يعتمد عليه حق الدم ذاته كأساس لبناء الجنسية. وتأسيساً على ذلك فإن حق الدم بحاجة إلى تعزيز بعناصر أخرى أهمها الإقامة،· كما أن الأخذ به قد يؤدى إلى صعوبات عملية فى التطبيق خاصة «عند اختلاف جنسية الوالدين،· إذ هل نأخذ بحق الدم عن طريق الأب؟ أم نأخذ بحق الدم عن طريق الأم؟ وعلى أى أساس يمكن تفضيل جنسية أحد الوالدين على جنسية الآخر فى تحديد جنسية الأبناء».
· تقييم حجج أنصار حق الإقليم : رغم سلامة منطق حجج أنصار حق الإقليم،· فإنها لا تسلم كذلك من النقد،· فأنصار هذا الأساس يغالون كثيراً فى فهم السيادة،· فالمفهوم التقليدى للسيادة بات مهجوراً فى الفقه. فالسيادة لا تعنى أن ينتسب للدولة كل من يولد على أراضيها،· كما أن مجرد الميلاد على الإقليم غير كاف بمفرده لتحقيق الاندماج فى الجماعة الوطنية،· وإنما يجب أن يقيم المولود فى الدولة حتى يتحقق له الإندماج الحقيقى فى شعبها. ويبدو ذلك جلياً فى الأحوال التى يولد فيها الطفل على إقليم الدولة بمحض الصدفة ثم يهجرها،· فكيف يتحقق له الإندماج فى هذا الفرض؟ والقول بغير ذلك يعنى التعارض مع الأساس الاجتماعى الذى يستند إليه حق الإقليم كأسلوب لبناء الجنسية الأصيلة. فحق الإقليم – كحق الدم – فى حاجة إلى تعزيز بعناصر أخرى أهمها الإقامة على الإقليم. يضاف إلى ما سبق أن القول بإمكانية القضاء على ظاهرة إنعدام الجنسية عن طريق تبنى حق الإقليم،· يفترض أخذ جميع الدول بهذا الأساس بمفرده لبناء جنسيتها الأصيلة،· وهو ما يستحيل تحقيقه لتعارضه مع مصالح الدولة المصدرة للسكان التى تفضل الأخذ بحق الدم.
والحقيقة بين المذهبين، فمن العسير تغليب أى من الأساسيين على الآخر بطريقة مجردة، دون النظر لظروف كل دولة ومصالحها العليا. فليس الأمر انتصاراً نظرياً لمبدأ على حساب الآخر دون اعتبار لأهداف كل دولة، وإنما يكمن جوهر المشكلة فى البحث عن الأساس الذى يحقق مصالح الدولة وأهدافها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فصلاحية حق الدم أو حق الإقليم كأساس لمنح الجنسية تتوقف على ملائمته لظروف كل دولة ومدى قدرته على تحقيق مصالحها. فالدول المصدرة للسكان ليست بحاجة إلى المزيد من العنصر البشرى ولذلك لا تهتم بتبنى الوسائل التى تزيد من عدد سكانها وإنما تكتفى بالمحافظة على صلتها برعاياها سواء كانوا موجودين بإقليمها أو خارجه، فتقضى – تبعاً لحق الدم – بمنح جنسيتها لكل من يولد لشخص يحمل جنسيتها. أما الدول المستوردة للسكان فتلجأ على العكس إلى تبنى الوسائل التى تزيد من عدد سكانها، ولذا ترى فى حق الإقليم الوسيلة الرئيسية لتحقيق هذا الغرض، لأنه يمكنها ليس فقط من الحفاظ على صلتها برعاياها المستقرين بها، وإنما يمكنها أيضاً من اكتساب الرعايا الجدد الذين يولدون على إقليمها.
والواقع أن ظروف العالم وحركة الاتصالات الهائلة التى مر بها أوجدت تطوراً لم يكن موجوداً من قبل، حيث نتج عن هذا التطور أوجه قصور شديدة فى حق الدم أو فى حق الإقليم عند الأخذ بأيهما فقط على إطلاقه. فقد يستقر شخص ينتمى لدولة تأخذ بحق الدم على إقليم دولة أخرى تأخذ حق الإقليم، ومع ذلك يكتسب أبناؤه جنسية دولته الأصلية – التى تأخذ بحق الدم – رغم إنقطاع صلتهم بها، كما يكتسبون فى ذات الوقت جنسية دولة الميلاد – التى تأخذ بحق الإقليم – مما يترتب عليه وجودهم فى حالة إزدواج جنسية. وبالعكس قد يستقر شخص آخر ينتمى لدولة تأخذ بحق الإقليم فى دولة تأخذ بحق الدم فلا يكتسب أبناؤه لا جنسية دولته الأصلية – باعتبار أنهم لم يولدوا فيها – ولا جنسية دولة الميلاد نظراً لأن الأب لا ينتمى إليها بجنسيته على الرغم من استقراره فيها.
لذلك يبدو من المتعذر حالياً أن تأخذ الدولة بأى من الأساسين على إطلاقه مع إهمال الأساس الآخر. فالثابت عملاً أن معظم التشريعات «تأخذ بأحد الأساسيين بصفة أساسية وتستعين بالأساس الثانى بصفة تكميلية»، لتلافى أوجه القصور الكائنة فى الأساس الذى أخذت به، لا سيما وأن الأساسيين ليسا متنافرين ومن المتصور الأخذ بهما معاً فى ذات الوقت. فقد سبق أن رأينا أن دول حق الدم – تلافياً لبعض أوجه القصور الكائنة فيه – تعتنق حق الإقليم فى شأن اللقيط، كما تعتنقه أيضاً فى صورته المشددة فتقضى بمنح جنسيتها للابن المولود على أراضيها لأب ولد أيضاً فيها. أما الدول التى تعتنق حق الإقليم، فيمكنها – تلافياً لبعض أوجه التصور الكائنة فيه - تبنى حق الدم فى حق الأبناء الذين يولدون فى الخارج لمواطنين يحملون جنسيتها ومستقرين بها فعلاً.
وفى جميع الأحوال وسواء تبنت الدولة حق الدم أم حق الإقليم فيجب عليها تعزيز الأساس الذى تأخذ به بعنصر أخر وهو عنصر الإقامة حتى تعبر الجنسية التى تمنحها عن الواقع الفعلى، وتصبح متفقة مع أحكام القانون الدولى ومبدأ الجنسية الفعلية. فلا يجب على الدولة التى تأخذ بحق الدم، إطلاق هذا الأساس بحيث تمنح جنسيتها لكل الأبناء الذين يولدون لرعاياها فى الخارج دون أن يوجد بينها وبين هؤلاء الأبناء ارتباط حقيقى، وذلك حتى لا تصبح جنسيتها ميراث تتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل. وتلافياً لهذا الوضع تنص المادة 7/1/ﻫ من الإتفاقية الأوربية بشأن الجنسية لعام 1997 على إمكانية أن تقضى الدول فى تشريعاتها الداخلية بأن يفقد جنسيتها كل مواطن لا توجد بينه وبينها أى رابطة حقيقية بسبب إقامته المعتادة فى الخارج. وتعتنق هذا الاتجاه أيضاً بعض القوانين الوطنية كالقانون الفرنسى (المادة 23/6 من القانون المدنى). كما يجب على الدول التى تتبنى حق الإقليم عدم إطلاق هذا الأساس بحيث يكتسب جنسيتها كل من يولد على إقليمها بمحض الصدفة، وإنما يجب أن تقيد منه بأن تشترط مثلاً ضرورة توطن الأسرة فيها، وهذا ما تقضى به فعلاً المادة 9/1 من دستور الإكوادور الصادر سنة 1946 والتى تنص على أنه «يكون الشخص وطنياً بالميلاد: 1- إذا ولد فى إقليم الإكوادور وكان والداه وطنيين لإكوادور كانا أجنبيين متوطنين فى الإكوادور عند ميلاده». فالمشرع الإكوادورى حرص على تقييد حق الإقليم حتى تأتى الجنسية معبرة عن الواقع، إذ جمع بينه وبين حق الدم بالنسبة لأبناء الوطنيين. عززه بإقامة الوالدين بالنسبة للأجانب.
تكلم عن اكتساب الجنسية المصرية الأصيلة استنادًا إلى حق الدم المطلق.
عرفنا أن المصالح العليا لكل دولة هى أساس المفاضلة بين حق الدم وحق الإقليم، فالدول ذات الندرة السكانية – التى تقتضى مصالحها تغذية عنصر الشعب فيها – تتخذ من حق الإقليم أساساً لبناء جنسيتها الأصيلة، بحيث يكتسب جنسيتها كل من يولد على أراضيها. فى حين تتجه الدول ذات الكثافة السكانية العالية – التى تقضى مصالحها على العكس الحد من ضم إضافة عناصر جديدة – إلى الأخذ بحق الدم، فتكتفى بالمحافظة على علاقتها برعاياها الذين ينتسبون إليها فتقرر منح جنسيتها لمن يولد لشخص ينتسب إليها، وهى تعبر فى ذات الوقت – بهذا الأسلوب – عن زهدها فى ضم عناصر أخرى لشعوبها. ونظراً لأن مصر تنتمى إلى هذه الطائفة الأخيرة من الدول، فقد تبنى المشرع المصرى صراحة حق الدم كأساس لثبوت الجنسية الأصيلة بمجرد الميلاد، وهو أمر يتفق مع طبيعة الشعب المصرى ومصالح الدولة العليا. فقد كانت المادة الثانية من قانون الجنسية المصرى رقم 26 لسنة 1975 تقضى بأنه «يكون مصرياً :
1- من ولد لأب مصرى». ويتضح من هذا النص أن المشرع كان يعتنق حق الدم بصفة جزئية أى من ناحية الأب فقط، ومن ثم لم يكن يجعل للأم نفس دور الأب فى مجال نقل الجنسية الأصيلة إلى الأبناء. وتأسيساً على ذلك كان يشترط لإكتساب الجنسية المصرية بالميلاد بناء على حق الدم ضرورة توافر الشرطين التاليين: 1- تمتع الأب بالجنسية المصرية.
2- ثبوت نسب الإبن إلى أبيه قانونا. غير أن أحكام هذه المادة قد تعدلت بالقانون رقم 154 لسنة 2004. وأصبح منطوقها على النحو التالى «يكون مصرياً : 1- من ولد لأب مصرى، أو لأم مصرية ... ويكون لمن تثبت له جنسية أجنبية إلى جانب الجنسية المصرية إعمالاً لأحكام الفقرة السابقة، أن يعلن وزير الداخلية رغبته فى التخلى عن الجنسية المصرية، ويكون إعلان هذه الرغبة بالنسبة للقاصر من نائبه القانونى أو من الأم أو متولى التربية فى حالة عدم وجود أيهما. وللقاصر الذى زالت عنه الجنسية المصرية تطبيقاً لحكم الفقرة السابقة، أن يعلن رغبته فى استردادها خلال السنة التالية لبلوغه سن الرشد. ويصدر بالإجراءات والمواعيد التى تتبع فى تنفيذ أحكام الفقرتين السابقتين قرار من وزير الداخلية، ويكون البت فى زوال الجنسية المصرية بالتخلى أوردها إعمالاً لهذه الأحكام بقرار منه».
ويقتضى فهم النص السابق التعرض لعدد من النقاط: شروط اكتساب الجنسية المصرية بناء على حق الدم، إمكانية التخلى عنها واستردادها.
شروط إكتساب الجنسية المصرية بناء على حق الدم
يتضح من التعديل الجديد الذى تقرر بمقتضى القانون رقم 154 لسنة 2004 أن المشرع اعتنق حق الدم بصفة مطلقة، وذلك عندما اعترف للأم بنفس الدور الذى اعترف به للأب فى مجال نقل الجنسية المصرية إلى الأبناء. وقد جاء التعديل صيام طويل دام قرابة المائة عام عن إعطاء الأم المصرية دوراً رئيسياً فى نقل الجنسية لأبنائها، وذلك منذ استقلال مصر عن تركيا فى نوفمبر سنة 1994 وحتى وقتنا الحاضر، ليحمل بذلك هذا التعديل بارقة الأمل وطوق النجاة للأم المصرية وأبنائها، حيث تقرر لها الاعتراف بنفس الدور المعترف به للأب فى نقل الجنسية للأبناء.
ومن الجدير بالذكر أن المشرع اعترف للأم بهذا الدور اعتباراً من 15 يوليو 2004، إذ تنص المادة الرابعة من القانون المشار إليه على أن «ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية، ويعمل به اعتباراً من اليوم التالى لتاريخ نشره». ولما كان هذا القانون قد تم نشره فى الجريدة الرسمية يوم 14 يوليو 2004، فإن سريانه يكون بداية من 15 يوليو 2004، وعلى ذلك فالأبناء الذين يولدون لأم مصرية متزوجة من أجنبى بداية من يوم 15 يوليو 2004 يتمتعون بالجنسية المصرية الأصيلة استناداً إلى حق الدم من ناحية الأم، أما الأبناء الذين تمت ولادتهم قبل 15يوليو 2004 فلا ينطبق عليهم هذا الحكم، ويعتبرون أجانب عن الدولة المصرية لخضوعهم لحكم المادة الثانية قبل تعديلها. ولم يحمل النص أى جديد بالنسبة لدور الأب المصرى فى نقل الجنسية إلى الأبناء، إذ أكد المشرع مذهبه بإعتناق حق الدم من ناحية الأب الذى تبناه منذ زمن بعيد، وبالتحديد منذ تأسيس الجنسية المصرية بعد انفصال مصر عن الدولة العثمانية، فكل ما أراد النص الجديد تقريره هو تبنى حق الدم أيضاً من ناحية الأم، ليحقق بذلك المساواة بين الرجل والمرأة فى مجال نقل الجنسية إلى الأبناء. وأيا ما كان الأمر فإنه يشترط لإكتساب الجنسية المصرية بناء على حق الدم المطلق – وفقاً للنص السابق – ضرورة توافر للشرطين التاليين: 1- تمتع الأب أو الأم بالجنسية المصرية. 2- ثبوت نسب المولود إلى أحد أبويه قانوناً.
× الشرط الأول : تمتع الأب أو الأم بالجنسية المصرية:
يشترط لاكتساب الابن الجنسية المصرية الأصيلة بالميلاد استناداً لحق الدم المطلق ضرورة تمتع الوالدين أحدهما أو كلاهما بالجنسية المصرية. فيكفى تمتع الأب أو الأم بها ولا يشترط تمتعهما معاً بهذه الجنسية، وإلا كان التعديل عدم الجدوى، بل ويشكل هذا التعديل تقيداً لحق الدم من ناحية الأب الذى كان يتبناه المشرع فى القانون رقم 26 لسنة 1975، لإضافة شرط جديد لم يكن مقرراً من قبل، وهو اشتراط كون الأم مصرية إلى جانب الأب. والأمر فى جميع الأحوال لا يخرج عن الفروض التالية:
· الفرض الأول: أن يكون الأب والأم مصريين،· فهنا تثبت الجنسية المصرية للمولود استناداً لحق الدم المطلق من الناحيتين،· أى من ناحية الأب والأم معاً،· والقول بثبوتها من ناحية الأب قد يبدو للبعض أولى من ناحية الظاهر،· باعتبار أن المشرع تبنى دائماً حق الدم من ناحية الأب فى كل تشريعات الجنسية السابقة،· ولكن يرد على ذلك بزوال التفرقة بين الأب والأم فى هذا المجال بمقتضى التعديل الجديد.
· الفرض الثانى: أن يكون الأب – دون الأم – مصرياً،· وهنا تثبت الجنسية للابن – ذكراً كان أم أنثى – بناء على حق الدم من ناحية الأب. ويستوى فى ذلك أن تكون الأم حاملة لجنسية دولة أخرى أو عديمة الجنسية أو مجهولة النسب. وإلى هنا لم يحمل التعديل التشريعى – محل الحديث – أى جديد بخصوص دور الأب،· لأن هذا هو الدور الذى كان مقرراً للأب سواء فى هذا الفرض أو فى الفرض السابق فى كل تشريعات الجنسية المتعاقبة.
· الفرض الثالث: أن تكون الأم – دون الأب – مصرية،· وهذا تحديداً هو الفرض الذى أراد المشرع معالجته بالتعديل الجديد. ومن ثم تثبت للابن الجنسية المصرية الأصيلة استناداً لحق الدم من ناحية الأم بمجرد الميلاد،· دون اللجوء – رغبة فى إكساب الأبناء الجنسية المصرية – للتحايل – كما كان يحدث فى ظل القانون القديم – لإثبات جهالة جنسية الأب أو انعدامها أو حتى إثبات عدم شرعية النسب. فالجنسية فى هذا الفرض تثبت للابن بقوة القانون،· كما تثبت للابن المولود لأب مصرى سواء بسواء. ويستوى فى جميع الأحوال كون الأب حاملاً لجنسية دولة أخرى أو عديم أو مجهول الجنسية.
ويستوى فى الفروض الثلاثة نوع الجنسية الثابتة للأب أو الأم أصيلة كانت أم مكتسبة. حيث لا يهم أن تكون هذه الجنسية ثابتة للأب أو الأم بسبب متعلق بالميلاد أم لاحق عليه، كما لا يهم فى ذلك أيضاً طريق ثبوتها هل بناء على حق الدم أم حق الإقليم أم التجنس أو حتى بأى طريق آخر. حتى ولو كان هذا الطريق هو قرارات وزير الداخلية السابق معالجتها، إذ أنه لو حصل أحد أبناء الأم المصرية زوجة غير المصرى على الجنسية المصرية وفقاً لإحدى هذه القرارات – سواء استناداً للمادة الرابعة أو الخامسة – فإن أبنائه الذين يولدون بداية من يوم 15 يوليو 2004 (تاريخ سريان القانون الجديد) يكتسبون الجنسية المصرية الأصيلة تأسيساً على حق الدم المطلق بالانتساب لأب أو لأم وطنية على حسب الأحوال.
× الشرط الثانى : ثبوت نسب المولود إلى أحد أبويه قانوناً
لا يكفى لتمتع الابن بالجنسية المصرية أن يولد لأب أو لأم يتمتع أحدهما أو كلاهما بتلك الجنسية، وإنما يلزم ثبوت نسب هذا الابن قانوناً إليهما أو لأحدهما على الأقل. والمقصود ثبوت النسب إلى الأم أو الأب الذى يتمتع بالجنسية المصرية، بحيث إذا كان أحد الأبوين فقط هو الذى يحمل الجنسية المصرية، فإن النسب الذى يعتد به فى ثبوت الجنسية المصرية هو النسب للوالد الذى يحمل هذه الجنسية. فإذا كان الأب مصرياً دون الأم أو كانت الأم مصرية دون الأب، فإن النسب الذى يعول عليه فى ثبوت الجنسية المصرية للابن هو الانتساب للأب فى الحالة الأولى، والانتساب للأم فى الحالة الثانية. أما فى الفرض العكسى الذى يثبت فيه النسب للأم الأجنبية دون الأب المصرى أو للأب الأجنبى دون الأم المصرية، فإن الجنسية المصرية لا تثبت للابن لعدم ثبوتها للأصل، حيث تم الميلاد فى الحالة الأولى لأم أجنبية ولم يثبت النسب الابن للأب المصرى، وفى الحالة الثانية تم الميلاد لأب أجنبى ولم النسب للأم المصرية، وإن كان هذا الفرض الأخير نادر الحدوث عملاً، حيث أن الغالب أن تثور مسألة ثبوت النسب بالنسبة للأب، فمن النادر أن تنكر الأم نسب وليدها إليها.
ويثبت النسب شرعاً بإحدى طرق ثلاث:
- الفراش: وهو الزوجية القائمة فى بداية الحمل ولو انقطعت بعد ذلك أثناء الحمل أو وقت الميلاد. فقيام الزوجية فى بداية الحمل يعد دليلاً كافياً على ثبوت نسب الابن شرعاً إلى أبيه ولو انفصلت عرى الزوجية فيما بعد لأى سبب.
- الإقرار: يمكن أن يثبت النسب أيضاً بإقرار الأب أو الأم بأبوة الولود.
- البينة: أى شهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتان،- فقد قال الله سبحانه تعالى : ]وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُْخْرَى[. (من الآية 282،- سورة البقرة)
القانون الذى يحكم النسب: يثور التساؤل عن القانون الذى يحكم النسب. وتثور أهمية هذا التساؤل وبخاصة فى الأحوال التى يولد فيها الابن فى الخارج، أو فى الأحوال التى تختلف فيها جنسية الأبوين بأن يكون أحدهما حاملاً لجنسية مختلفة عن تلك التى يحملها الأب الآخر. أما فى الأحوال التى يتحقق فيها ميلاد الابن فى مصر، وتثور مسألة ثبوت النسب بين أبوين يحملان الجنسية المصرية فلا غضاضة من سريان أحكام القانون المصرى على النسب، باعتبار أن العلاقة داخلية بحته تركزت جميع عناصرها على الإقليم المصرى. أما فى غير هذه الأحوال فتقضى القواعد العامة فى تنازع القوانين بخضوع النسب لقانون جنسية الشخص المراد الانتساب إليه. وتأسيساً على ذلك فإذا كان الشخص المراد الانتساب إليه (الأب أو الأم) مصرياً فإن القانون المصرى هو الذى يسرى على مسألة ثبوت النسب.
ولما كان المقصود ثبوت نسب المولود إلى أحد أبويه شرعاً فإنه يخرج من نطاق تطبيق نص المادة الثانية – محل الحديث – النسب غير الشرعى والتبنى، إذ أن كلاهما ليس نسباً قانونياً، والنص صريح فى عدم الاعتداد بهما فى مجال اكتساب الجنسية المصرية الأصيلة تأسيساً على حق الدم.
وقت الاعتداد بجنسية الأبوين: إذا كان المشرع قد اشترط أن يكون أحد الأبوين – على الأقل – مصرياً حتى يمكن نقل الجنسية المصرية إلى الأبناء، فإنه يتعين تحديد الوقت الذى يعتد فيه بجنسية الوالد الناقل للجنسية. وتثور أهمية تحديد هذا الوقت وبخاصة فى الأحوال التى تتغير فيها جنسية الوالدين أو أحدهما فى الفترة ما بين الحمل والميلاد. إن الإجابة المنطقية التى تفرض نفسها على هذا التساؤل هى ضرورة الاعتداد بجنسية الوالدين وقت ميلاد الطفل. ويبدو هذا الأمر مؤكداً بصريح نص المادة الثانية – محل الحديث – إذ تقضى بأنه «يكون مصرياً: 1- من ولد لأب مصرى أو لأم مصرية»، وقول المشرع من ولد لأب مصرى أو لأم مصرية، يعنى أن العبرة بكون الأم أو الأب مصرياً هى بلحظة الميلاد. وقد تبنت المحكمة الإدارية العليا ذاتها هذا الاتجاه حين قضت بأن «العبرة فى تطبيق حق الدم أن تكون الجنسية المصرية التى لحقت الأب (أو الأم) قد ثبتت له وقامت به فعلاً وقت ولادة الابن». والأمر فى جميع الأحوال لا يخرج عن الفروض الأربع التالية:
1- إذا كان الأبوين مصريين لحظة ميلاد الابن،2- فإن الصفة المصرية تثبت لهذا الأخير بقوة القانون منذ هذه اللحظة تأسيساً على حق الدم من ناحية الأبوين،3- ولو فقد أحدهما أو كلاهما الجنسية المصرية فيما بعد.
4- إذ كان الأب فقط مصرياً لحظة الميلاد،5- فإن الجنسية المصرية الأصيلة تثبت للابن بقوة القانون منذ هذه اللحظة تأسيساً على حق الدم من ناحية الأب،6- ولو فقد هذا الأخير الجنسية المصرية بعد ذلك ولو بساعة واحدة.
7- إذا كانت الأم فقط مصرية لحظة ميلاد الابن،8- فإن هذا الأخير يكتسب الجنسية المصرية الأصيلة – كما فى الحالتين السابقتين - منذ هذه اللحظة استناداً لحق الدم من ناحية الأم،9- بعض النظر عن استمرار تمتع الأم بهذه الصفة.
10- إذا كان الأبوين أجنبيين لحظة الميلاد،11- فإن الجنسية المصرية لا تثبت للابن،12- ولو كان الأبوين مصريين طوال مدة الحمل،13- لأن العبرة بثبوت الصفة المصرية للآباء هى بلحظة الميلاد وليس قبل أو بعد ذلك.
وفاة أحد الوالدين: قد يتوفى الأب فى بعض الأحوال قبل ميلاد الابن، وقد تتحقق الوفاة فى بداية الحمل أو أثنائه أو حتى قبل الولادة بأيام قليلة، وفى جميع الأحوال يثور التساؤل عن مدى تأثير الوفاة على ثبوت الجنسية المصرية للابن؟ هل يظل الحق قائماً للابن فى اكتساب الجنسية المصرية أم يزول بزوال الأب الذى توفى.
قد يذهب البعض إلى التفرقة بين ما إذا كانت الأم مصرية أم أجنبية، بحيث إذا كانت مصرية تثبت الجنسية المصرية للابن بناء على حق الدم من ناحية الأم، دون حاجة لبحث تأثير وفاة الأب على اكتسابه الابن لها، مادام أنه قد اكتسبها فالنتيجة العملية فى الحالتين واحدة. أما إذا لم تكن الأم مصرية – بأن كانت حاملة لجنسية دولة أجنبية – فهنا تثور أهمية هذا التساؤل ويتعين معرفة تأثير وفاة الأب على اكتساب الابن للجنسية المصرية. ويبقى ذات التساؤل قائماً فى حالة وفاة الأم أثناء الولادة، أى قبل ميلاد الابن بلحظات قليلة، فهل نبحث عن جنسية الأب بحيث إذا كان هذا الأخير مصرياً اكتسب الابن الجنسية المصرية بناء على حق الدم من ناحية الأب دون اكتراث بدور الأم؟ وماذا لو كان الأب متوفياً أصلاً؟ وأكثر من ذلك قد يتوفى الأب والأم معاً قبل ميلاد الطفل بساعات أو بلحظات قليلة، فهل تؤثر الوفاة - فى جميع الأحوال – على ثبوت الجنسية المصرية للابن؟
إن الإجابة على هذه التساؤلات لابد وأن تكون بالنفى، فالمستقر عليه أن وفاة الأب (أو الأم) لا تؤثر فى ثبوت الجنسية المصرية للابن طالما أنه مات مصرياً، وكانت الجنسية الوطنية هى آخر جنسية يحملها قبل الوفاة، حيث مات وهو يدخر لها شعور الولاء والانتماء، الأمر الذى يبرر نقلها للأبناء استناداً إلى حق الدم، ولا يختلف الحكم فى حالة وفاة الأم. وتأسيساً على ذلك لا يقال بأن الجنسية المصرية تثبت للابن استناداً لحق الدم من ناحية الأب الذى لا يزال على قيد الحياة دون الأب الذى مات، وإنما إذا كان الأبوين حاملين للجنسية المصرية وتوفى أحدهما أو كلاهما قبل الولادة فإن الجنسية المصرية تثبت للابن استناداً لحق الدم من ناحيتهما معاً.
ورغم منطقية هذا الحل فقد حرصت بعض التشريعات على معالجة فرض الوفاة بنص صريح، حيث قضت المادة 8/2 من قانون الجنسية البلجيكى المعدل حديثاً فى 1 مارس 2000 بأن العبرة فى ثبوت الجنسية البلجيكية للطفل بناء على حق الدم هى بحمل الوالد (الأب أو الأم) للجنسية البلجيكية «يوم ميلاد الطفل، فإذا توفى الأب (أو الأم) قبل الميلاد، فإن العبرة بانتمائه إليها يوم وفاته». كما نصت على ذات الحكم المادة 2/أ من قانون الجنسية لدولة بوروندى المعدل حديثاً – أيضاً – فى 18 يوليو 2000، والتى تنص على أنه «يكون بوروندياً بالميلاد: أ- الطفل الشرعى المولود – ولو فى بلد أجنبى – لأب يحمل الجنسية البوروندية يوم الميلاد، وإذا توفى الأب قبل ميلاد الطفل، فالعبرة بكونه حاملاً لهذه الجنسية يوم الوفاة».
أثر توافر الشرطين السابقين: إذا توافر الشرطين السابقين، بأن كان أحد الأبوين – على الأقل – مصرياً وقت الميلاد، وثبت نسب المولود – على الأقل – إليه قانوناً، اكتسب الابن الجنسية المصرية الأصيلة بقوة القانون بمجرد الميلاد تأسيساً على حق الدم. يستوى فى ذلك ثبوتها له استناداً لحق الدم من ناحية الأب أو من ناحية الأم أو من ناحيتهما معاً، فالجنسية الثابتة فى جميع الأحوال جنسية أصيلة لا يملك أحد